المشايخ محمد رفعت ,مصطفى إسماعيل ,عبد الباسط عبد الصمد ,محمود خليل الحصري ,محمود على البنا , علي الضباع شيخ القراء والإقراء بالديار المصرية وعبد الفتاح الشعشاعي يعدون من خيرة القراء المصريين الذين اثروا التلاوة المصرية و العربية.
عبد الباسط عبد الصمد محمود على البنا
أصواتهم الربانية المتميزة جمعت بين حلاوة الصوت والتمكن في الأداء.صدحت أصواتهم بقراءة القرآن الكريم ولاقت قراءاتهم حب واحترام الملايين على امتداد العالم.
عبد الفتاح الشعشاعي
ويأتي تميز هؤلاء من موهبة فطرية وحفظ تام للقرآن ودراسة معمقة لفن التجويد، من إدغام وإظهار وتنوين ومد وغيرها من أحكام التلاوة، بالإضافة إلى أن كثيرا منهم كان محباً لفن الموسيقى ودارسا له، ومتابعا لتطوره.
فالشيخ محمد رفعت وهو أفضل الأصوات المصرية في القرن العشرين كما أشار بذلك مؤرخو الموسيقى العربية وقد سبق في الترتيب كوكب الشرق أم كلثوم، كان يحتفظ بقدر هائل من اسطوانات بيتهوفن وباجنينى وموزار وغيرهم من الرواد، فقد كانت روح الفنان المغامر تسكن بداخل الشيخ الوقور، وقد وصفه الإمام مصطفى المراغي – شيخ الأزهر الأسبق – قائلا: "هو منحة من الأقدار حين تهادن وتجود، بل وتكريم منها للإنسانية، فهو خير من رتل القرآن وخير من تلاه.. إلى أن يشاء الله".
وكذلك كان الشيخ مصطفى إسماعيل الذي وصف بأنه وحده جامعة في فن التلاوة كان دارساً للمقامات والموشحات، مما جعل واحدا من أشهر مؤرخي الموسيقى وهو كمال النجمي يقول عنه: "لقد كان الشيخ مصطفى إسماعيل يمتلك صوتا فذا واسع المساحة، وكانت له حصيلة من العلم بالمقامات لا مثيل لها عند أحد من المقرئين"، مما جعل الشيخ ينتقل بسلاسة بين المقامات الأصلية والفرعية ببراعة ودقة دون الإخلال بأصول التلاوة، مما زاد من مستمعيه في العالم أجمع فزار كثيرا من البلدان منها فرنسا وانجلترا وأمريكا، كما حظي بتقدير الزعماء والملوك، لدرجة أن الرئيس السادات اصطحبه معه عند زيارته للقدس فتلا الشيخ آيات الله في صلاة عيد الأضحى في رحاب المسجد الأقصى وتناقلته أصوات إذاعات العالم كله التي كانت تنقل الحدث.
وكان الشيخ مصطفى إسماعيل هو أول قارئ مصري ينال وسام العلوم والفنون فى الاحتفال بعيد العلم عام 1965.
الشيخ علي محمود
أما الشيخ علي محمود "1878-1943" شيخ المنشدين فقد تتلمذ على يديه العديد من اساطين الغناء والموسيقى فقد كان سيد درويش – ذات يوم – أحد افراد الكورال بفرقته وكذلك الموسيقار محمد عبد الوهاب، وهو بعد لم يزل طفلاً، وكذلك الشيخ زكريا أحمد، وقد كانت الخطوة الاولى لهؤلاء العباقرة على درب التواشيح الدينية والتى كان الشيخ على محمود رائدها الاول ومجددها بعد ان كاد هذا الفن التراثى الصوفى الرفيع ان يندثر.
كان صوت الشيخ "علي" اذا تلا القرآن او ارتفع بالانشاد تجمع الجمهور من كل حدب وصوب كى يشهدوا روعة الاداء، ولذلك يصف الشيخ عبد العزيز البشرى صوت الشيخ على محمود قائلا: "إن صوت الشيخ على محمود من اسباب تعطيل حركة المرور فى الفضاء لأن الطير السارح فى سماء الله لايستطيع ان يتحرك اذا ما استمع الى صوت الشيخ".
الحامولي
ولم يأت هذا التمكن فى الاداء من فراغ فمنذ نعومة اظافره كان الشيخ مولعاً بالانغام والألحان، فقد شغف فى صباه بعبده الحامولي الذى كان يجوب وراءه الحفلات ليستفيد منه ويتعلم على يديه فن المقامات، ومن بعده الشيخ على المغربى وهو من علماء الازهر، ثم كان الدور الأكبر فى حياته العملية للشيخ عبد الرحيم المسلوب وهو احد اشهر الملحنين التالين لعبده الحامولي، وكان مجلس الشيخ على محمود يضم صفوة الموسيقيين مثلما يضم صفوة العلماء والمشايخ، وكان اكثر المداومين على حضور مجلسه والانصات اليه الشيخ زكريا احمد، ومن اشهر الموشحات التى كان ينشدها الشيخ على فى هذا المجلس:
"بربك يا من جهلت الغرام
السعد أقبل بابتسام
خليانى ولوعتى وغرامي
ادر ذكر من أهوى"
وكان الشيخ أيضا احد نجوم صالون "أمين المهدي" احد عشاق الموسيقى في بداية القرن العشرين وهذا الصالون شهد ايضا البدايات الاولى لانطلاق صوت أم كلثوم.
الشيخ محمود خليل
اما الشيخ محمود خليل الحصري – شيخ المقارئ المصرية - وعميد فن الترتيل القرآنى فقد سئل ذات مرة عن "حكم تلحين القرآن" وعن أجمل الاصوات التى قرأت القرآن الكريم؟
فأجاب قائلا: يجب ان يتميز المقرئ بموهبة الصوت الحسن وقوة التعبير والإلمام بقواعد واصول التجويد وحسن النطق للحروف مما يخلق جواً موسيقيا طبيعيا فى تلاوة القرآن مما يغنى عن الموسيقى المصاحبة لكلام الله والتى قد تبهر المستمع وتلهيه عن آيات الله.
اما الاصوات فهى ألوان وكل لون له عشاقه، فكان الشيخ محمد رفعت حسن الصوت والشيخ الصيفى حسن الأداء ومن الممتازين الشيخ على محمود والشيخ الشعشاعى والشيخ مصطفى اسماعيل وهم أحسن فى الأداء الموسيقي، فالآية الكريمة تقول "ورتل القرآن ترتيلا" والصوت الحسن يضفى على التلاوة روعة الإيقاع، والشيخ "الحصري" هو المقرئ الوحيد الذى تلا القرآن الكريم فى "الكونجرس الأمريكي" فى عهد الرئيس الأسبق "جيمى كارتر" والذي طلب من الشيخ مصحفا مجودا، فقدمه اليه هدية، وكان الشيخ الحصرى يرى انه يمكن للقارئ ان يقرأ بأي نغمة من النغمات بشرط ان يحافظ بكل دقة على قواعد التجويد.
وقد وصفت الصحافة الفرنسية – فى منتصف الخمسينيات – صوت الشيخ عبد الباسط عبد الصمد ب "الصوت الأسطوري الذي يعبر عن فن الإبداع الصوتي". وقالت عنه أيضا "أن صوته ذو تأثير بعيد المدى عن موسيقى الشرق العربي" وقد جاء ذلك بعد أن أحيا الشيخ ليلتين قرآنيتين على مسرح "الامانديين" بباريس.
الشيخ "طه الفشني
اما الشيخ "طه الفشني" فقد بذل جهودا ملحوظة لترسيخ فن التواشيح الدينية – رغم أنه كان كذلك قارئا مجيدا – وقد عقد عدة اجتماعات مع موسيقيين وملحنين كبار تناقشوا فيها حول ضرورة إعادة الاعتبار لهذا الفن العريق، وكذلك اقامة ورش تدريبية للأصوات التي تمارس هذا الفن.
سيد النقشبندي
سيد النقشبندي
وجاء الشيخ "سيد النقشبندي " من بعده ليواصل الطريق للمحافظة على فن الإنشاد الديني والابتهالات، وكان له قاعدة جماهيرية كبيرة خاصة بعد التحاقه بالإذاعة عام 1967، وبعدها بسنوات بالتليفزيون المصري ليصبح " النقشبندي " احد المعالم المهمة خاصة في شهر رمضان، وقد حرصت إدارة التليفزيون أن يكون الشيخ على الخريطة الرئيسية للشهر الكريم على مدار عشر سنوات فكلفت كبار الملحنين بوضع الألحان والابتهالات له. مما جعل كثيرا من النقاد يصفون النقشبندي بأنه يعبر عن أصالتنا الفنية خاصة في مجال الغناء الديني.
علي الضباع